الخميس، يونيو 11، 2009


امتلك قطعة من الحياة
هيا يا صديقي أحضر ورقة وقلم ، وتعال كي تكتب نعيك ! .أدري أنه مطلب شؤم ، لكن المغزى منه جد مهم ! .أحد الصالحين كان يجلس في حفرة ويقول ) رب ارجعون لعلي أعمل صالحا ( ، ثم ينهض قائلاً لنفسه : ها قد عدت ، فأرنا ماذا تفعل ؟ ! .إنه يقوم بتمثيل دور المحتضر ، القادم على ربه بصحيفة عمله .والمحتضر يمر على ذهنه حال احتضاره شريط حياته ، فيود صادقا تغيير أحداث ومواقف ، ويأمل في أن يضيف لمشواره إضافات أخرى أكثر قوة وخيرية ونُبل .أستطاع الروائي غابريل ماركيز ، أن يعبر عن هذا المعنى جليا بعدما اكتشف إصابته بالمرض اللعين وشعر بظلال الموت تزحف لتنهي حياته الحافلةفكتب على موقعه على شبكة الانترنت رسالة موجهة إلى قرائه قال فيها : آه لو منحني الله قطعة أخرى من الحياة ! ،لاستمتعت بها ـ ولو كانت صغيرة ـ أكثر مما استمتعت بعمري السابق الطويل ، ولنمت أقل ، ولاستمتعت بأحلامي أكثر ، و لغسلت الأزهار بدموعي ، و لكنت كتبت أحقادي كلها على قطع من الثلج ، وانتظرت طلوع الشمس كي تذيبها ، و لأحببت كل البشر .ولما تركت يوما واحدا يمضي دون أن أبلغ الناس فيه أني أحبهم ، و لأقنعت كل رجل أنه المفضل عندي . كانت هذه قارئي الحبيب نصيحة رجل وقف على حافة الموت ، يتمنى أن يعود بقدميه للخلف كي يقتنص قطعة أخرى من الحياة ،وما أريده منك الآن أن تبصر بوضوح أن أمامك قطعة من الحياة تستطيع أن تفعل فيها الكثير . عندما أطالبك بأن تكتب نعيك أريدك أن تكون أكثر وضوحا لما تريده من حياتك المستقبلية . أكثر استفادة من تجارب الآخرين وخبراتهم . أقل أخطاء وعثرات .وتصور أن أولادك مثلا بعد ثلاثون عاما سيجلسون لكتابة نعيك ، ما الذي تود أن يكتبوه فيه ؟ .هل يكتبوا اسمك فحسب ، نظرا لأن حياتك لم يكن فيها ما يميزها ؟.أم أنه سيكتب في النعي صفة رنانة ( المربي الفاضل ، رائد العمل التطوعي ، رجل الأعمال الخلوق ( . لا تخرج من الحياة يا صديقي كما دخلتها ، صفراً من الإنجاز والتقدير .أمير الشعراء ( شوقي ) يلهب حماستك أن ( كن رجلاً إذا أتوا من بعده يقولون مر .. وهذا الأثر ..) . فأين أثرك الذي يدلل عليك ، أين معالم إنجازك ، وملامح عظمتك ؟ . و أسفاه على امرئ ينظر إلى سنين عمره وقد طوتها الأيام طياً ، بلا إنجاز يذكر ، أو فعل يخلده . قم الآن قارئي الحبيب وأحضر ورقة بيضاء ، واسأل الله أن يهبك العمر المديد والعمل الصالح ، واكتب نعيك بنفسك ، وتعهد لذاتك بأن تحقق ما اخترته ليكون عملك الخالد الباقي .أنظر إلى آخر الطريق ، قبل أن تجد السير فيه ، وأتح لنفسك الفرصة كي ترى المستقبل ماثلا بوضوح أمامك ، وتذكر دائما قول خالقك ) ولتنظر نفس ما قدمت لغد( .إشراقه :
من يرى العالم وهو في الخمسين من عمره مثلما كان يراه وهو في العشرين فقد أضاع ثلاثين سنة من عمره...
محمد علي كلاي



منقول من كتاب أفكار صغيرة لحياة كبيرة
للمؤلف : كريم الشاذلىكلمة المؤلف عن الكتابالتقاط لبعض معان الحياة ، وتسجيلا لمواقف وصور ذات أهمية فيها .حكمة سمعتها .. قرأتها .. رأيتها . وخشيت أن تطير من ذهني فقررت صيدها ، وتقديمها قرباناً لك !.قصة رمزية تلخص حكمة ، أو تشحذ همة ، أو تُوجب عملا ً . وأحببت أن أدونها ليسبح معها ذوي الألباب ، ويستفيد من مغزاها طلاب الحكمة .عصير أيام من سبقوني .. وحرارة تجربة مرة بي .. وفكرة ترجمتها مواقف الحياة المتكررة ، صاغت معالم هذا الكتاب .

0 التعليقات: