الجمعة، أكتوبر 31، 2008

بسم الله الرحمن الرحيم



دخل دعبل الخزاعي ( رحمه الله ) على الإمام الرضا ( عليه السلام ) بمرو ، فقال له : يا ابن رسول الله إني قد قلت فيك قصيدة ، وآليت على نفسي أن لا أنشدها أحداً قبلك .فقال ( عليه السلام ) : ( هاتها ) .فأنشده :
مَدارسُ آياتٍ خَلَتْ عن تلاوة
ومنزل وحيٍ مُقفِرُ العرصاتِ
فلما بلغ إلى قوله :
أَرى فَيئَهُم في غيرهم متقسِّماً
وأيدِيهِمُ من فَيئِهِم صُفُراتِ
بكى الإمام الرضا ( عليه السلام ) وقال له : ( صدقتَ يا خزاعي ) .
فلما بلغ إلى قوله :
إذا وَتَروا مَدُّوا إلى واتِرِيِهُمُ
أَكُفّاً عن الأوتار منقبضاتِ
جعل الإمام ( عليه السلام ) يُقَلِّبُ كفَّيه ويقول : ( أجل والله منقبضات ) .
فلما بلغ إلى قوله :
لقد خفتُ في الدنيا وأيام سَعيها
وإنِّي لأرجُو الأمنَ بعد وفاتي
قال الإمام ( عليه السلام ) : ( آمَنَك الله يوم الفزع الأكبر ) .
فلما انتهى إلى قوله :
وَقبرٌ بِبَغدادٍ لنفس زكيةٍ
تَضَمَّنَهَا الرحمَنُ في الغرفاتِ
قال له الإمام ( عليه السلام ) : ( أفلا أُلحِقُ لك بهذا الموضع بيتين بِهِمَا تمامُ قصيدتِكَ ) ؟
فقال دِعبل : بلى يا ابن رسول الله .
فقال الإمام ( عليه السلام ) :
وَقَبرٌ بِطُوسٍ يَا لَهَا مِن مُصِيبَةٍ
توقّد بِالأحشَاءِ في الحُرُقَاتِ
إِلى الحَشرِ حَتَّى يَبعثُ اللهُ قَائِماً
يُفَرِّجُ عَنَّا الهَمَّ وَالكُرُبَاتِ
فقال دعبل : يا ابن رسول الله ، هذا القبر الذي بطوس قبر من هو ؟!!فقال ( عليه السلام ) : ( قبري ، ولا تنقضي الأيام والليالي حتى يصير طوس مختلف شيعتي وزوّاري ، ألا فمن زارني في غربتي بطوس كان معي في درجتي يوم القيامة مغفوراً له ) .
ثم نهض الإمام ( عليه السلام ) بعد فراغ دعبل من إنشاد القصيدة ، وأمره أن لا يبرح من موضعه ، ودخل الدار فأرسل له بيد الخادم صرَّة فيها مائة دينار .فقال دعبل : والله ما لهذا جئت ، ولا قلت هذه القصيدة طمعاً في شيء يصل إليَّ ، وردَّ الصرَّة .وسأل ثوباً من ثياب الإمام ( عليه السلام ) ليتبرَّك ويتشرَّف به .فأنفذ إليه الإمام ( عليه السلام ) جُبَّةَ خزٍّ مع الصرَّة ، فأخذ دعبل الصرَّة والجُبَّة وانصرف .



بعض أبيات القصيدة وهي 120 بيتا:

مدارسُ آيات خلت من تلاوة
ومنزلُ وحيٍ مقفرُ العرصات
بكيت لرسم الدار من عرفات
وأجريتُ دمع العين بالعبرات
وبان عرى صبري وهاجت صبابتي
رسوم ديار قد عفت وعرات
مدارس آيات خلت من تلاوة
ومنزل وحي مقفر العرصات
لآل رسول الله بالخيف من منى
وبالبيت والتعريف والجمرات
ديار لعبد الله بالخيف من منى
وللسيد الداعي إلى الصلوات
ديار علي والحسين وجعفر
وحمزة والسجاد ذي الثفنات
ديار لعبد الله والفضل صنوه
نجي رسول الله في الخلوات
وسبطي رسول الله وابني وصيّه
ووارث علم الله والحسنات
منازل وحي الله ينزل بينها
على أحمد المذكور في السورات
منازل قوم يهتدى بهداهم
وتؤمن منهم زلة العثرات
منازل كانت للصلاة وللتقى
وللصوم والتطهير والحسنات
ديار عفاها جور كل منابذ
ولم تعف للأيام والسنوات
قفا نسأل الدار التي خف أهلها
متى عهدها بالصوم والصلوات
وأين الأولي شطت بهم غربة النوى
أفانين في الارض مفترقات
أفاطمُ لو خلت الحسين مجدلاً
وقد مات عطشاناً بشط فرات
إذاً للطمت الخد فاطم عنده
وأجريت دمع العين في الوجنات
أفاطمُ قومي يا ابنة الخير واندبي
نجوم سماوات بأرض فلات
قبور بكوفان وأخرى بطيبة
وأخرى بفخ نالها صلوات
وأخرى بأرض الجورجان محلها
وقبر بباخمرا لدى الغربات

0 التعليقات: